مرسي.. رئيسا لأم الدنيا.. وألف مبروك
بقلم د. أيمن أبو ناهية
ظهر الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، الكل كان
منشغلا لما شهده ميدان التحرير خاصة الأيام الأخيرة الماضية في انتظار
إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، وأيضا لما شهدته الساحة من تطورات وأحداث
وعراك غير مباشر بين الثورة والثورة المضادة وما يصدر من بيانات عن المجلس
العسكري، فالكل كان بانتظار نتائج الانتخابات بفارغ من الصبر والترقب
الشديد، وكانت جميع الأعين والآذان والكاميرات والشاشات والأقمار الصناعية
والصحف والمجلات وشبكات الانترنت مصوبة وموجهة نحو الحدث الانتخابي في مصر،
كل هذا كان نابعا من شدة القلق وطول الانتظار والشوق واللهفة على الرئيس
المنتظر الأول بعد ثورة 25 يناير، والذي حالفة الحظ بالفوز هو الدكتور محمد
مرسي، كأول رئيس ولد من رحم ثورة أطاحت بنظام سياسي مستبد، وهو فوز مثل
صعقة وصفعة لكل من دعم هذا النظام.
هذه اللحظات التي أسميها لحظة "الانفراجة الربانية" بوصول الإخوان إلى
الرئاسة البرلمانية والرئاسية تذكرني في هذا الوقت تماما بلحظات الشدة
والعناء التي كانت جماعة الإخوان تعيشها في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد
الناصر الذي مني بهزيمة نكسة عام 67، وها هم الإخوان عادوا كما كانوا دائما
قوة تقف على أرضية متينة اسمها العقيدة الإسلامية لا يخافون لومه لائم،
رغم كل العقبات والصعوبات التي كانت تقف في طريقهم.
البعض كان يعقد آمالا على إرجاع الفلول من جديد للرئاسة ورغم التيقن من
عدم صحة ذلك، إلا أننا نستطيع اليوم القول بأن الثورة تسير تدريجياً
لتحقيق أهدافها مجتمعة، إن اختيار مرسي يدل على رغبة وعشق المصريين للتغيير
والتجديد نظرا للظروف التي تعيشها مصر وشعبها الذي ظلم على أيدي قلة مجرمة
عميلة باعته ومقدراته بأرخص الأثمان، حتى وصل الحال إلى الحضيض، من تدني
المستوى المعيشي إلى الأسوأ في تاريخه، وأفقدوا مصر عظمتها وهيبتها وأصبحت
حالها أسوأ من الحال الذي كانت عليه زمن الاستعمار الغربي.
وأرى أن "إخوان مصر" التي انبثق عنها الرئيس مرسي وبما تمثل من ثقل في
المجتمع المصري، وبما لديها من كوادر ورموز وأعلام وعلماء قادرة على
الانتقال بمصر في غضون سنوات قليلة من مصاف الدول الفقيرة المغلوبة على
أمرها إلى لاعب دولي حقيقي يستفيد من تجارب الآخرين كالبرازيل وتركيا بما
يحقق مصالح الوطن والمواطن المصري. صحيح أن الأمر ليس سهلا كما يعتقد
البعض، بل العكس تماما لان الطريق معبدة بالمصاعب ومليئة بالأشواك وان
الحمل ثقيل ويحتاج إلى وقت وصبر وجهد وجسارة جبارة، كي يتمكن الرئيس مرسي
وجداره الواقي المتمثل في جماعة الإخوان من حل معضلة صياغة الدستور وإتمام
النصاب البرلماني لإيصال مصر إلى بر الأمان.
إن فوز الرئيس مرسي لهو ميلاد جديد لمصر الديمقراطية والجمهورية
الثانية وشعبها الذي يستحق بالفعل من يعيد مصر من جديد إلى موقعها الريادي،
فهي ليس فقط كما يطلق عليها أهلها بـ"أم الدنيا" بل الدنيا كلها، لأن مصر
تبقى المرآة التي تعكس الصورة الحقيقية التي تعبر عن زعامة الأمة ودورها
المحوري الذي يعدل كفة الميزان في المنطقة.
لقد أنجبت الثورة المصرية السلمية جيل الإمام الشهيد حسن البنا رحمه
الله لقيادة الأمة إلى بر الأمان والسلامة على أن تكون نموذجا عصريا لكل
حركة تغيير وتجديد وانقلاب على الظلم والفساد والاستعباد، لأن كل الأنظمة
التي جاءت على ظهر دبابة بما عرف بـ"الثورات العسكرية" التي ذكرها التاريخ
لم تحدث أي تغيير ولم تكن بأحسن حال من الحكام الذين أطاحت بهم. لذا نبارك
للشقيقة مصر رئيسها وثورتها ونتمنى له التوفيق في حمل هذه الأمانة والمزيد
من التقدم والإصلاح وحفظ الله الشعب المصري الشقيق من كل مكروه.