المقاومة تدفع "مهر الحرية"
محمد فايز الإفرنجي
هو عرس فلسطيني بكل المقاييس, يطل علينا ليصبح يوما وطنيا نحتفل به في فلسطين وفي الشتات وبكل تواجد فلسطيني بالمعمورة, هو الفرح الذي قدمت مهره المقاومة الفلسطينية, فأبى الشعب إلا أن يشاركها هذا المهر ويدفع من دماء أبنائه تقربًا إلى الله ثم الوقوف بجانب المقاومة قلبًا وقالبًا؛ لينال الأسرى البواسل حريتهم ويشاهدوا النور الذي حرموا منه بعضهم عقود, من اجل أن تبقى شعلة المقاومة تنير لنا الدرب وتثلج صدورنا بالثأر من المحتل؛ لما قام به من مجازر تكاد تقتلنا ونحن ننظر إلى العالم الذي لم ينصفنا, فتأتي المقاومة تقدم أرواحها على أكفتها لتنال من عدو قاتل .
قدموا سنوات عمرهم ثمنا لتعبيد طريق التحرير والوصول إلى القدس أفلا نكون لهم من الشاكرين؟ شكرهم الشعب فصبر وثبت خمس سنوات على حصار وحرب وغارات وقدم الشهيد تلو الشهيد ورفض الشعب أن يتنازل عن مطالب المقاومة بتحرير أسرانا وها هو اليوم عرسنا الفلسطيني يتوج بعودة أسرانا إلى بيوتهم إلى شعبهم إلى غزة الصمود والضفة الأبية .
عرس فلسطيني يدخل كل بيت, فمن منا لا يسعد بإطلاق سراح أسرانا ؟ ليس منا من لا يشعر بنشوة النصر التي انتزعتها المقاومة من بين أنياب "بن يامين نيتن ياهو" وحكومته التي كانت تصر على تحرير شاليط من الأسر بلا ثمن, ولكن المقاومة والشعب الذي التف حولها أثخنهم بحرب سياسية وتفاوضية عبر الشقيقة مصر لينال أسرانا الحرية وان يكون هناك ثمن لإطلاق سراح شاليط الجندي الإسرائيلي الأسير الذي كانت ترفضه حكومة الاحتلال وترفض الحديث به.
سقط الرهان, وسقطت معايير الاحتلال التي كان يسوقها ويرفض تبديلها والتفاوض عليها, كما سقط المرجفون في الأرض الحاقدون والمتربصون بالمقاومة ونصرها, فكانت "وفاء الأحرار" قاعدة جديدة تفرضها المقاومة الفلسطينية الباسلة على أجندة تحرير الأسرى, ليكون شعاع الأمل قادرا أن يخترق كافة الحواجز عبر جدران وقضبان السجن ليقول لأسرانا: نحن لم تغفل عيوننا عنكم والشعب بجانبنا لم يبخل عليكم حتى بأرواح أبنائه لتكونوا أحرار, فلم يضيع الله تضحيتكم ففرج الله عن ألف ويزيد من أسرانا وتبيض السجون من نسائنا المقاومات.
تخرج غزة عن بكرة أبيها لتصافح الأحرار في عرس فلسطيني تزين بكافة أبناء شعبه وشرائحه وفصائله, فحرية الأسرى هي حلم لكل فلسطيني حر غيور على شعبه وأرضه وعرضه, عرس فلسطيني سيبقى يومًا وطنيًا من كل عام حتى قيام دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس, ليكون ذكرى تضاف إلى تاريخ نضال الشعب الفلسطيني ومقاومته وفاء للأسرى الأحرار.
غزة اليوم يدخلها الفرح بصمود أبنائها من الأسرى داخل سجون الاحتلال, غزة اليوم تنتصر فيها المقاومة على تعنت الاحتلال لخمس سنوات في رفض مستمر لمطالبها, فرضخ المحتل وانصاع وتجرع مرارة كأس الهزيمة والفشل, غزة اليوم يدخلها الفرح لتقول للعالم صبرنا وثبتنا وعاندنا المحتل وتحملنا كل جرائمه وانتصرنا فكانت "وفاء الأحرار" تتويجا لصبرنا لتعم الفرحة كافة أرجاء فلسطين وخارجها إلى مخيمات الشتات بل إلى كل شعوب العالم الحر.
تتعانق اليوم فرحة غزة بفرحة أبناء الضفة المحتلة مع أبناء فلسطين المحتلة عام 48 لتشمل فرحتنا القدس عروس عروبتنا لتنسج وحدة الوطن في ملحمة سيبقى التاريخ يذكرها بل يدرسها للأجيال القادمة لتكون حدثًا يحتذ به لنيل الحرية والحقوق المسلوبة.
اليوم فلسطين كل فلسطين تعمها الأفراح وتدخل إلى قلوب أبنائها فرحة غامرة بنصر مبين بإطلاق سراح ثلة من أبطالنا الأسرى, ليبقى الأمل مشتعلًا في عرس اكبر حينما تبيض سجون الاحتلال من كافة أسرانا بل حينما تزول السجون والسجان عن أرضنا لنقيم دولتنا ونرفع رايتنا فهو يوم الفرح الأكبر ولكننا سنمضي قدما جنبا إلى جنب مع مقاومتنا إلى أن يتحقق حلمنا.
آن الآوان لتفرحي فلسطين, آن اليوم أن يكون عرس فلسطيني في يوم وطني كبير, فاليوم تنتصرين غزة بكفك على مخرز الاحتلال, اليوم تنتصر الإرادة الفلسطينية على جبروت المحتل لتكون المقاومة وفية لشعبها لأسراها عنيدة في انتزاع حقوقنا لتسجل لنا ولنفسها صفحة انتصار في تاريخ فلسطيني حافل بالتضحيات ترسم لأجيال فلسطين طريق الحرية الأوحد لننال استقلالنا ونكنس عن أرضنا محتل غاشم طالما لوث طهارة فلسطين وقدسها ونكل بأبنائها وسجل صفحة سوداء في تاريخ وجوده بجرائمه التي ستبقى تلاحقه أينما تواجد.